أطلقت شركة OpenAI للتو صاروخًا إلى قلب تصفح الويب - متصفح جديد يجمع بين الذكاء الاصطناعي والتصفح الكلاسيكي، وبذلك، تحذر Google من أنه حان الوقت للتحديث.
متصفح ChatGPT Atlas ليس مجرد متصفح عادي؛ بل هو محاولة لتحويل الويب من شاشة خاملة إلى مُحاور فعّال. بفضل الذكاء الاصطناعي المُدمج الذي يُلخص الصفحات ويُنجز المهام ويتنبأ بالخطوات، يُنافس هذا المُتصفح الجديد مُتصفحات عملاقة مثل Chrome. ولكن هل سيُغير عاداتنا حقًا، أم سيُضيف فوضى جديدة؟
العصر الجديد للإنترنت…
تخيل أنك تفتح متصفحًا، وبدلًا من مربع البحث العادي، يستقبلك شخص يعرف ما بحثت عنه بالأمس ويعرض عليك القيام بذلك نيابةً عنك. لا، هذا ليس سيناريو من فيلم ديستوبي تسيطر فيه الآلات على العالم، بل هو ChatGPT Atlas، أحدث حيل OpenAI التي تهدف إلى جعل تصفح الإنترنت أشبه بالتحدث إلى خادم ذكي بدلًا من البحث عن الكنز. وإذا كنت تعتقد أن هذا مبالغة، ففكّر في هذا: في عالم اعتدنا فيه على وجود مساعدين شخصيين على هواتفنا، فلماذا لا نمتلك واحدًا في متصفحاتنا؟ ومن المفارقات أن هذه البساطة ذاتها قد تُشكّل التحدي الأكبر لمتصفحات جوجل كروم التقليدية.
سيتم التعامل مع عمليات الشراء عبر الإنترنت وعمليات البحث عن المنتجات نيابةً عنك من خلال علامة التبويب "الوكيل".
ما الذي يقدمه ChatGPT Atlas فعليًا؟
أطلقت شركة OpenAI المتصفح رسميًا اليوم 21 أكتوبر 2025 ChatGPT Atlas – متصفح، وهو متصفح ويب كلاسيكي في جوهره، ولكنه مزود بطبقة ذكاء اصطناعي فائقة الذكاء. يتوفر مبدئيًا عالميًا لنظام macOS، ولجميع المستخدمين، بدءًا من الإصدار المجاني وحتى الاشتراكات المدفوعة في Plus وPro وGo. وتقول الشركة إن أنظمة Windows وiOS وAndroid ستصدر قريبًا، وهو ما يعني، بلغة التقنية، أنه قد يتأخر إطلاقه لفترة أو اثنتين.
أبرز ما في هذا البرنامج هو، بالطبع، برنامج ChatGPT المدمج، الموجود في الشريط الجانبي ويراقب تصفحك. لا مزيد من التنقل بين علامات التبويب: أثناء تصفحك لموقع إلكتروني، يمكنك أن تسأل "ما فائدة هذه المقالة؟" أو "قارن هذا المنتج ببديل" - وسيجيبك الذكاء الاصطناعي فورًا، دون الحاجة إلى مغادرة الصفحة. ثم هناك "وضع الوكيل"، الذي يتولى مهام أكثر نشاطًا للمستخدمين المدفوعين: ملء النماذج، إجراء الحجوزات، أو حتى إجراء عمليات شراء. قد يبدو هذا حلمًا للمتصفح الكسول، ولكنه عمليًا قد يعني أن متصفحك سيصبح مساعدًا شخصيًا يعرف عن عاداتك أكثر من صديقك المقرب.
وهنا تكمن المفارقة: فبينما تعد OpenAI بتخصيص بياناتك بناءً على سجل تصفحك، فإنها تؤكد أيضًا على تحكمك في بياناتك. ولكن من يصدق شركات التكنولوجيا العملاقة عندما تتحدث عن الخصوصية؟ الأمر أشبه بثعلب يتعهد بعدم النظر إلى قن الدجاج.
لماذا يشكل هذا تحديًا لمتصفح Chrome وغيره من عمالقة الإنترنت؟
جوجل كروم هو ملك المتصفحات - سريع وموثوق ومتكامل مع كل شيء، من أندرويد إلى جيميل. لكن أطلس يُواجهه بتحدٍّ مباشر. فبدلاً من أن يكون مجرد نافذة على الويب، أصبح مركزًا ذكيًا لا يعرض الصفحات فحسب، بل يُحللها ويُلخصها، بل ويتفاعل معها أيضًا. إذا كنت قد نقرت على نتائج البحث بغضب، ثم وجدت الإجابة في أسفل الصفحة، فتخيل الذكاء الاصطناعي يفعل ذلك نيابةً عنك في لحظة.
بالنسبة لمتصفح كروم، هذا يعني دفعةً للابتكار. تمتلك جوجل بالفعل أدوات ذكاء اصطناعي خاصة بها، مثل جيميني، ولكن ما لم تُدمج ميزات مماثلة بعمق في المتصفح، فإنه يُخاطر بأن يصبح قديمًا. تخيل: يسأل المستخدمون أطلس بدلًا من البحث على جوجل، ويُقدم لهم الذكاء الاصطناعي إجابات دون النقر على إعلان واحد. قد يُحدث هذا نقلة نوعية في اقتصاد الإعلانات، حيث تجني جوجل مليارات الدولارات من النقرات. ومن المفارقات أن OpenAI، التي كانت في السابق شريكًا لجوجل، أصبحت الآن منافسًا لها - كالمتدرب الذي يُصبح خبيرًا.
وبالمثل، فإن متصفحي سفاري وإيدج: إذا لم يواكبا الذكاء الاصطناعي، فسيصبحان مثل الهواتف القديمة التي تُستخدم لإجراء المكالمات، لكن لا أحد يستخدمها لأي غرض آخر. قد يُحوّل أطلس المتصفح من أداة سلبية إلى شريك فعّال، مما يُجبر المنافسين على الترقية بشكل أسرع.
كيف يؤثر هذا على نظرتنا للويب؟
كنا ننظر إلى الإنترنت كبحرٍ هائل من المعلومات، حيث كان علينا التنقل فيه بمفردنا. لكن مع أطلس، أصبح أشبه بعالم محيطات شخصي، يُرشدنا إلى الطريق، بل ويسبح من أجلنا. هذا يُخفف الاحتكاك: نقرات أقل، وعلامات تبويب أقل، وإجابات أسرع. لكن هنا تكمن المشكلة: هل نريد حقًا أن يتولى الذكاء الاصطناعي زمام الأمور؟ ماذا لو أخطأ في حجز رحلة طيران أو أخطأ في قراءة خبر مهم؟ المسؤولية موزعة: أنت، أوبن إيه آي أو موقع الويب؟
علاوة على ذلك، قد يجعل الإنترنت أكثر تخصيصًا، بل وأكثر حيوية. فالذكاء الاصطناعي الذي "يعرف" عاداتك لا يستطيع أن يقدم لك إلا ما تريده، مما يقلل من الاكتشافات غير المقصودة - تلك التي تقودنا أحيانًا إلى مسارات غير متوقعة. ومن المفارقات، أنه في عصر نشكو فيه من خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، نسمح الآن لنفس الشيء بالدخول إلى متصفحاتنا.
على نطاق أوسع، يُشير هذا إلى تحوّل: لم يعد الذكاء الاصطناعي أداةً منفصلة، بل بنيةً تحتيةً مُدمجة. لن يكون الويب مجرد مجموعة من الصفحات، بل حوارًا - والحوارات دائمًا مليئة بالمفاجآت، الجيدة والسيئة.
الاستنتاج: متصفح ChatGPT Atlas
ChatGPT Atlas ليس مجرد متصفح جديد؛ إنه يُبشّر بمستقبل لم يعد فيه الإنترنت للعرض فحسب، بل للمحادثة أيضًا. بالنسبة للمستخدمين، يعني هذا إحباطًا أقل وقوة أكبر، وبالنسبة للمنافسين مثل Chrome، فهو تذكيرٌ بأن الوقت قد حان للتطور. ولكن كما هو الحال مع كل ثورة تكنولوجية، يبقى السؤال: هل سنتحكم بالذكاء الاصطناعي، أم سيتحكم بنا؟ إذا جربته، فقد تجد أن تجربة التصفح لن تعود كما كانت - وهذا مثير ومخيف بعض الشيء في آنٍ واحد.